فصل: من لطائف وفوائد المفسرين:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.من لطائف وفوائد المفسرين:

.من لطائف القشيري في السورة الكريمة:

قال عليه الرحمة:
سورة الفيل:
قوله جل ذكره: بسم الله الرحمن الرحيم
{بسم الله} اسم غني من أطاعه أغناه، ومن خالفه أضله وأعماه.
اسم عزيز من وافقه رقاه إلى الرتبة العليا، ومن خالفه ألقاه في المحنة الكبرى،
قوله جل ذكره: {ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل}
أَلَمْ يَنْتِه إليكَ فيما أنزل عليك عِلْمُ ما فَعلَ ربُّكَ بأصحاب الفيل؟.
وفي قصة أصحاب الفيل دلالة على تخصيص اللَّهِ البيتَ العتيقَ بالحِفْظِ والكِلاءة. وذلك أنَّ أَبرهة- مَلِكَ اليمن- كان نصرانيًا، وبنى بيعةً لهم بصنعاء. وأراد هَدْمَ الكعبة ليصرفَ الحجَّ إلى بيعتهم.
وقيل: نزل جماعةٌ من العرب ببلاد النجاشي، وأوقدوا نارًا لحاجةٍ لهم، ثم تغافلوا عنها ولم يُطْفِئوها، فهبَّت الريحُ وحَمَلَتْ النارَ إلى الكنيسة وأحرقتها، فَقَصَد أبرهةُ الكعبةَ لِيَهْدِمها بجيشه.
فلمّا قَرُبَ من مكة أصاب مائتي جَمَلٍ لعبد المطلب، فلمَّا أُخْبِرَ بذلك ركب إليهم، فَعَرفَةُ رجلان، فقالا له:
ارجعْ.. فإنْ المَلِكَ غضبان.
فقال: واللاتِ والعُزَّى لا أَرْجِعُ إلاَّ بإبلي.
فقيل: لأبرهة: هذا سَيِّدُ قريش ببابِك؛ فأَذِنَ له، وسأله عن حاجته؛ فأجاب أبرهة: إنها لك غدًا، إذا تقدَّمْتُ إلى البيت.
فعاد عبد المطلب إلى قريش، وأخبرهم بما حدث، ثم قام وأخذ بحلْقِه باب الكعبة، وهو يقول:
لا هُمَّ إِنَّ العَبْدَ يم ** نعُ رَحْلَه فامنعُ حَلاَلِكَ

لا يَغْلِبَنَّ صليبُهمْ ** ومِحَالُهم عَدْوًا مِحالَكْ

إِنْ يدخلوا البلد الحرا ** مَ فأمر ما بدالك

فأرسل اللَّهُ عليهم طيرًا أخضرَ من جهة البحر طِوالَ الأعناق، في مناقر كل طائرٍ حَجَرٌ وفي مخلبه حجران.
قيل: الحجَرةُ منها فوق العدس دون الحمص.
وقيل: فوق الحمص دون الفستق، مكتوب على كل واحدة اسم صاحبها.
وقيل: مُخَطَّطةٌ بالسَّواد. فأُمْطِرَتْ عليهم، وماتوا كُلُّهم.
وقيل: كان الفيلُ ثمانيةً؛ وقيل: كان فيلًا واحدًا.
وقيل: رواية: إنه كان قبل مولده صلى الله عليه وسلم بأَربعين سنة.
وقيل: بثلاثة وعشرين سنة. وفي رواية: «ولدتُ عامَ الفيل».
قوله جل ذكره: {أَلَمْ يَجْعَلَ كَيْدَهُمْ في تَضْلِيلٍ}.
أي: مَكرَهم في إبطال.
{وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ}.
{أَبَابِيلَ}: مجمعةً ومتفرِّقةً.
{تَرْمِيهِم بِحِجَارَةٍ مِّن سِجِّيلٍ}.
قيل بالفارسية: سنكل أو كل- أي طينٌ طُبخَ بالنار كالآجُر.
{فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَّأكُولِ}.
{كَعَصْفٍ}: كأطرافِ الزرع قبل أن يدرك.
{مأكول} أي ثَمرَهُ مأكول.
ويقال: إذا كان عبد المطلب- وهو كافرٌ- أخلص في التجائه إلى الله في استدفاع البلاء عن البيت- فاللَّهُ لم يُخَيِّبْ رجاءَهُ- وسَمِعَ دُعاءَهُ... فالمؤمِنُ المخلصُ إذا دعا ربَّه لا يردُّهُ خائبًا.
ويقال: إنما أُجيب لأنَّه لم يسألْ لِنَفْسِه، وإِنما لأجْلِ البيت... وما كان لله لا يضيع. اهـ.

.من فوائد ابن العربي في السورة الكريمة:

قال رحمه الله:
سورة الفيل:
قال ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ: ولد رسول اللّه صلى الله عليه وسلم عَامَ الْفِيلِ.
وَقال قَيْسُ بْنُ مَخْرَمَةَ: ولدت أَنَا وَرسول اللّه صلى الله عليه وسلم عَامَ الْفِيلِ.
وَقَدْ رَوَى النَّاسُ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قال: لَيْسَ مِنْ مُرُوءَةِ الرَّجُلِ أَنْ يُخْبِرَ بِسِنِّهِ؛ فَإِنَّهُ إنْ كَانَ صَغِيرًا اسْتَحْقَرُوهُ، وَإِنْ كَانَ كَبِيرًا اسْتَهْرَمُوهُ.
وَهَذَا قول ضَعِيفٌ؛ لِأَنَّ مَالِكًا لَا يُخْبِرُ بِسِنِّ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَيَكْتُمُ سِنَّهُ، وَهُوَ مِنْ أَعْظَمِ الْعُلَمَاءِ قُدْوَةً بِهِ؛ فَلَا بَأْسَ أَنْ يُخْبِرَ الإنسان بِسِنِّهِ، كَانَ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا.
قِيلَ لِبَعْضِ الْقُضَاةِ: كَمْ سِنُّك؟ قال: سِنُّ عَتَّابِ بْنِ أُسَيْدٍ حِينَ وَلَّاهُ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم مَكَّةَ، وَكَانَتْ سِنُّهُ يَوْمَئِذٍ دُونَ الْعِشْرِينَ. اهـ.

.فوائد لغوية وإعرابية:

قال السمين:
سورة الفيل:
{أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ (1)}
يُجْمع على فُيول وفِيَلَة في الكثرة، وأَفْيال في القلة.
قوله: {أَلَمْ تَرَ}: هذه قراءة الجمهورِ، أعني فتحَ الراءِ، وحَذْفُ الألفِ للجزم. وقرأ: السُّلَمِيُّ {تَرْ} بسكونِ الراءِ كأنه لم يَعْتَدَّ بحَذْفِ الألفِ كقولهم: (لم أُبَلْهُ) وقرأ أيضًا {تَرْءَ} بسكونِ الراءِ وهمزةٍ مفتوحةٍ وهو الأصلُ و(كيف) مُعلقةٌ للرؤيةِ، وهي منصوبةٌ بفعلٍ بعدها.
{وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ (3)}
قوله: {أَبَابِيلَ}: نعتٌ لطير، لأنَّه اسمُ جمعٍ. وأبابيل قيل: لا واحد له كأساطير وعَباديد، وقيل: واحده إبَّوْل كعِجَّوْل.
وقيل: إبَّال وقيل: إبِّيْل مثلَ سِكِّين. وحكى الرقاشي أنه سُمع إبَّالة بالتشديد. وحكى الفراء إبالة مخففة. والأبابيل: الجماعات شيئًا بعد شيء.
وقال الشاعر:
طريقٌ وَجبَّارٌ رِواءٌ أصولُهُ ** عليه أبابيلٌ من الطيرِ تَنْعَبُ

وقد يُسْتعارُ لغيرِ الطَيْرِ كقوله:
كادَتْ تُهَدُّ مِنَ الأصوات راحلتي ** إذ سالَتِ الأرضُ بالجُرْدِ الأبابيلِ

{تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ (4)}
قوله: {تَرْمِيهِم}: صفةٌ لطير. والعامَّةُ: {تَرْميهم} بالتأنيثِ. وأبو حنيفة وابن يعمر وعيسى وطلحةُ بالياءِ مِنْ أسفل، وهما واضحتان؛ لأنَّ اسمَ الجمعِ يُذَكَّرُ ويُؤَنَّثُ ومِنَ التأنيث قوله:
.......................... ** كالطَّيْرِ تَنْجو مِنْ الشُّؤْبوب ذي البَرَدِ

وقيل: الضميرُ لـ: {ربُّك} أي: يَرْميهم رَبُّك. و{مِنْ سِجِّيل} صفةٌ لحِجارة.
{وكعَصْفٍ} هو المفعولُ الثاني للجَعْلِ معنى التَّصييرِ. وفيه مبالغةٌ حسنة. لم يَكْفِه أَنْ جَعَله أهونَ شيءٍ في الزَّرْع، وهو ما لا يُجْدي طائلًا، حتى جَعَله رَجيعًا. اهـ.